الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت: أرأيت أمير الجيش إذا دخل أرض الحرب فسرق بعضهم من بعض في أرض الحرب أو شربوا الخمور أو زنوا أيقيم عليهم أميرهم الحدود في قول مالك؟ قال: قال لي مالك يقيم عليهم الحدود في أرض الحرب أمير الجيش وهو أقوى له على الحق كما تقام الحدود في أرض الاسلام. قلت: أرأيت لو أن تجارا من المسلمين دخلوا أرض الحرب بأمان فسرق بعضهم من بعض ثم شهدوا على السارق بالسرقة حين خرجوا إلينا أيقام الحد على السارق أم لا؟ في قول مالك؟ قال: قال مالك في الجيش إذا كانوا في أرض الحرب أنه يقام على السارق الحد فكذلك هؤلاء الذين دخلوا بأمان ولان مالكا لا يلتفت إلى اختلاف الدارين وهؤلاء مسلمون مقرون بأحكام الاسلام ليسوا بمنزلة المشركين الذين لا يقرون بأحكام المسلمين. قلت: وكذلك ان زنى في دار الحرب بعض هؤلاء التجار أو شرب الخمر فشهدوا عليه بعد ما خرج أيقيم عليه الامام الحد؟ قال: نعم في رأيي. قلت: أرأيت من أكل لحم الخنزير من المسلمين أيكون عليه العقوبة أم ماذا عليه في قول مالك؟ قال: قال مالك ذلك عليه أن يعاقبه الامام لما اجترأ في أكله؟ قال: وقال مالك ومن شرب الخمر في رمضان جلد ثمانين ثم يضربه لافطاره في رمضان. قلت: وكم يضربه لافطاره في رمضان؟ قال: سألت مالكا عن ذلك فقال ذلك إلى الامام. قلت: ويجمع الامام ضرب حد الخمر والضرب الذي يضربه لافطاره في رمضان جميعا أم إذا جف ضرب الحد ضربه لافطاره في رمضان؟ قال: سألنا مالكا عن ذلك فقال ذلك إلى الامام ان شاء جمع الضرب وان شاء فرقه؟ قال: ويؤدبه لاكله الخنزير على ما يرى الامام ويجتهد فيه. قلت: أرأيت ان شهدوا عليه انه أقر بالسرقة أو بالزنى وهو ينكر أيقيم عليه الامام الحد في الوجهين جميعا في قول مالك أم لا؟ قال: قال مالك ان أتى بأمر يعذر به مثل أن يقول أقررت لكذا وكذا فيقال. قلت: أرأيت ان جحد ذلك الاقرار أصلا أيقال؟ قال: أرى أن يقال. قلت: أرأيت العبيد والمكاتبين والمدبرين وأمهات الاولاد إذا أقروا بالسرقة أتقطع أيديهم أم لا؟ في قول مالك؟ قال: تقطع أيديهم إذا عينوا. قلت: فإن كانت السرقة التي أقروا بها في أيديهم وزعموا أنهم سرقوها من هذا الرجل وقال سيدهم كذبتم بل هذا متاعي؟ قال: سئل مالك عن سلعة كانت مع جارية أتت بها لترهنها فقال رجل أنا دفعت إليها هذه السلعة لترهنها لي وقالت الجارية صدق هو دفع ذلك إلي وقال سيدها السلعة سلعتي؟ قال: قال مالك ان كان للمدعي بينة أنه دفع إلى الجارية السلعة لترهنها فهي له والا لم يكن له من السلعة شيء وكانت السلعة لسيد الجارية. قلت: فهل يحلف سيد الجارية لهذا الرجل؟ قال: نعم ولم أسمعه من مالك. قلت: أرأيت الصبي إذا سرق أو زنى أو أصاب حدا وقد بلغ سن من يحتلم ومن الصبيان من يبلغ ذلك السن ولا يحتلم ويحتلم بعد ذلك بسنة أو سنتين أو ثلاث أينتظر حتى يبلغ من السن ما لا يجاوزه أحد من الغلمان إلى احتلم أم يقام عليه الحد إذا بلغ أول سن الاحتلام في قول مالك؟ قال: لا أقيم عليه الحد حتى يبلغ من السن ما لا يجاوزه غلام إلا احتلم إذا لم يحتلم قبل ذلك. قلت: والجارية إذا لم تحض كذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ان أنبت الغلام ولم يحتلم ولم يبلغ أقصى سن الاحتلام أيحد في قول مالك أم لا؟ قال: قال مالك يحد إذا أنبت وأحب إلي أن لا يحد وإن أنبت حتى يحتلم أو يبلغ من السن ما لا يجاوزه غلام إلا احتلم قال ابن القاسم وقد كلمته في الانبات فرأيته يصغي إلى الاحتلام. قلت: أرأيت إذا أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب أو السجن أيقام عليه الحد أم لا؟ في قول مالك؟ قال: قال مالك من أقر بعد التهديد أقيل. فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله وأرى أن يقال. قلت: والوعيد والتهديد عند مالك بمنزلة السجن والضرب؟ قال: قد أخبرتك بقوله في التهديد فما سألت عنه عندي مثله. قلت: أرأيت ان أقر بعد القيد والضرب ثم ثبت على إقراره أيقيم عليه مالك الحد وإنما كان أصل اقراره غير جائز عليه؟ قال: لم أسمع من مالك في هذا إلا ما أخبرتك أنه قال يقال وأنا أرى أنه ما كان من إقراره بعد أمن من عقوبة يعرف ذلك فأرى أن يقام عليه الحد أو يخبر بأمر يعرف به وجه صدق ما أقر به وعين وإلا لم أر أن يقطع لان الذي كان من إقراره أول مرة قد انقطع وهذا كانه إقرار حادث بل هو اقرار حادث. قلت: أيخلى عنه إذا كان إقراره إنما كان خوفا منه في قول مالك وهو لم يرجع عن إقراره؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يحبس حتى يستبرأ أمره. قلت: فإن ضرب وهدد فأقر فأخرج القتيل أو أخرج المتاع الذي سرق أيقيم عليه الحد فيما قد أقر به أم لا؟ وقد أخرج ذلك؟ قال: لا أقيم عليه الحد إلا أن يقر بذلك آمنا لا يخاف شيئا. قلت: فإن جاء ببعض المتاع وأتلف بعض المتاع أتضمنه بقية المتاع إذا جاء بوجه يعذر به؟ قال: لا. قلت: أفتضمنه الدية إذا جاء بوجه يعذره به السلطان؟ قال: لا أضمنه الدية. قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: لا وهو رأيي. قلت: أرأيت السارق إذا شهدوا عليه بالسرقة أيستحسن للامام أن يقول له قل ما سرقت؟ قال: لم أسمعه من مالك ولم أسمع أحدا يذكر هذا عنه ولا أرى للامام أن يقول له شيئا من ذلك. قلت: أرأيت إذا كان البرد الشديد أو الحر الشديد فأتى بالسارق فشهدوا عليه بالسرقة فخاف الامام ان قطعه أن يموت لشدة الحر والبرد أيرى مالك أن يؤخره الامام؟ قال: بلغني أن مالكا كان يقول في البرد الذي يخاف منه أن يكن منه ان الامام يؤخره فأرى إن كان الحر أمرا يعرف خوفه لا يشك فيه انه بمنزلة البرد فأراه مثله. قلت: أرأيت إن شهدوا عليه بالسرقة فأراد الامام قطعه فشهد آخرون عليه بالقتل أيأتي القتل على السرقة في قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن شهدوا عليه بسرقة وشهد عليه آخرون بقتل عمدا فعفا أولياء القتيل أيقطعه أم لا؟ في قول مالك؟ قال: نعم يقطع في رأيي. قلت: أرأيت ان قطع يمين رجل وسرق لم تقطع يمينه؟ قال: قال مالك للسرقة. قلت: فهل يكون للذي قطعت يمينه الدية في ماله أم لا؟ قال: قال مالك من قطع يمين رجل فأصاب القاطع بلاء من السماء فذهبت يمينه أنه لا شيء للمقطوعة يمينه على القاطع لا من دية ولا غيرها لان الذي كان حقه فيه قد ذهب فكذلك الذي سرق وقطع يمين رجل إذا قطع في السرقة فلا شيء للذي قطعت يمينه. قلت: لم قطع مالك يمينه للسرقة ولم يقطعها ليمين المقطوعة يده؟ قال: قال مالك إذا اجتمع حد العباد وحد الله يكون للعباد أن يعفوا عنه وحد الله لا يجوز للعباد العفو عنه فإنه يقام الحد الذي هو لله الذي لا يجوز العفو عنه. قلت: أرأيت لو أن رجلا سرق وقطع شمال رجل فرفع للسلطان أيقطعه للسرقة ويقتص من شماله؟ قال: نعم. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: هو رأيي لان من سرق عند مالك أقيم عليه حد السرقة ومن قطع متعمدا اقتص منه. قلت: فهل يجمع القطعان عليه جميعا أم يقطع يمينه ثم يؤخره حتى إذا برأ قطع شماله في القصاص؟ قال: سألت مالكا عن الحد والنكال يجمعان على الرجل؟ قال: قال مالك ذلك إلى الامام على ما يرى ان رأى أن يجمعهما جميعا جمعهما وإن رأى أن يفرق فرق؟ قال: قال مالك وما سمعت في هذا حدا. قلت: أرأيت ان اجتمع على رجل القصاص والحدود التي هي لله بأيها يبدأ؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك في القطع والسرقة إذا اجتمعا في اليد الواحدة أخذ الحد الذي هو لله فأرى أن يبدأ بما هو لله فيؤخذ فإن عاش أخذ ما للعباد وان مات كان قد أخذ منه ما هو لله لان الحدود التي هي لله لا عفو فيها فلذلك ينبغي أن يبدأ بها ويعجل قبل القصاص وان لم يخف الامام عليه شيئا جمع ذلك عليه وان خاف عليه الموت فرق ذلك عليه مثل ما قال لي مالك في الضرب والنكال. قلت: أرأيت إن قال سرقت من فلان وقال فلان ما سرق مني شيئا؟ قال: أقيم عليه الحد. قلت: أرأيت ان أقمت الحد عليه أيقول للذي أقر بالسرقة احمل متاعك فيجعل المتاع متاعه ويقطعه؟ قال: نعم إلا أن يدعيه رب المتاع فيكون ذلك له. قلت: أرأيت ان قال سرقت هذا المتاع من فلان وقال فلان بل المتاع متاعك ولم تسرقه مني أو قال له انه كان استودعنيه وقوله أنا سرقته إنما أخذ متاعه أو قال إنما بعث بهذا المتاع معي إليه وهو يقر على نفسه بالسرقة؟ قال: الذي سمعت من مالك وهو رأيي أنه يقطع ولا يلتفت إلى قوله الآخر لان هذا مقر بالسرقة. قلت: أرأيت من سرق من بيت المال هل يقطع؟ قال: قال لي مالك نعم يقطع. قلت: أرأيت من سرق من مغنم وهو من أهل ذلك المغنم؟ قال: قال لي مالك يقطع. قلت: لم قطعه مالك وله فيه نصيب؟ قال: قال لي مالك كم حصته من ذلك. قلت: أرأيت المكاتب يسرق من مال سيده؟ قال: قال لي مالك لا قطع عليه. قلت: فلو سرق السيد من مال مكاتبه أيقطع أم لا؟ قال: قال مالك أما ما أخبرتك في المكاتب أنه إذا سرق من مال سيده لم يقطع فالسيد إذا سرق من مال مكاتبه أحرى أن لا يقطع. قلت: فأم الولد إذا سرقت من مال سيدها؟ قال: قال مالك لا يقطع العبد إذا سرق من مال سيده ولا المكاتب فأم الولد بهذه المنزلة. قلت: أرأيت الرجل والمرأة في القطع والاقرار بهذه المنزلة بالسرقة سواء عند مالك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الاخرس أيقطع إذا سرق أو أقر بالسرقة؟ قال: إذا شهدت عليه الشهود بسرقة قطع وإذا أقر فإن كان إقراره أمرا يعرف ويعين قطع وإلا لم يقطع. قلت: أرأيت من سرق سرقة فلم يرفع إلى السلطان حتى ورثها السارق ثم رفع إلى السلطان والسرقة له من ميراث ورثه بعد السرقة أيقطع في قول مالك أم لا؟ قال: يقطع إذا رفع إلى السلطان وان كان قد ورث السلعة قبل ذلك أو وهبت له أو تصدق بها عليه أو اشتراها فإن هذا كله وما أشبهه لا يدرأ به عنه الحد في رأيي. قلت: أرأيت لو أني استودعت رجلا متاعا فجحدني فسرقت هذا المتاع وكانت عندي بينة أني كنت استودعته هذا المتاع نفسه؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يقام الحد ها هنا. قلت: أرأيت لو أن رجلا سرق من رجلين سلعة قيمتها ثلاثة دراهم وأحد الرجلين المسروق منهما غائب أيقطع أم لا؟ قال: نعم يقطع في رأيي. قلت: أفيقضي لهذا الحاضر بنصف قيمة السرقة إذا كانت مستهلكة في قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن قدم الغائب وأصاب السارق عديما؟ قال: ان كان يوم قطعت يده مليا ثم أعدم بعد ذلك فإنه يأخذ نصف ما أخذ الشريك ويتبعان جميعا السارق بنصف قيمة السلعة الباقي وإن كان يوم قطعت يده لم يكن له من المال إلا مقدار ما أخذ شريكه رجع عليه فشاركه ولم يرجع على السارق بشيء ولم يتبع به وهذا مثل ما قال مالك في الشريكين يكون لهما الدين على الرجل فيطلبه أحدهما بحصته فيأخذ حصته ثم يقدم صاحبه الغائب فيصيب الذي كان عليه الدين عديما انه يرجع على شريكه بنصف ما قبض فيأخذه منه. قلت: أرأيت لو أن رجلا ادعى على رجل أنه سرق منه ولا بينة له فقال استحلفه لي أيستحلف له في قول مالك؟ قال: ان كان المدعي عليه متهما بذلك موصوفا به استحلف وامتحن وهدد وان كان على غير ذلك لم يعرض له ولم يصنع به من ذلك شيء؟ قال: ولقد قال مالك في المرأة تزعم ان فلانا استكرهها فجامعها ولا يعرف ذلك إلا بقولها؟ قال: قال مالك تضرب المرأة الحد ان كانت قالت ذلك لرجل لا يشار إليه بالفسق وإن كان ممن يشار إليه بالفسق نظر في ذلك وأرى في هذا ان هو قاله لرجل لا يشار إليه بذلك وهو من الفضل والدين رأيت أن يؤدب أدبا موجعا ولا يباح لاهل السفه شتم أهل الفضل والدين. قلت: أرأيت لو أن رجلا أقر أنه سرق من رجل ألف درهم بغير محنة ولا شيء ثم جحده بعد ذلك والمسروق منه يدعي ذلك؟ قال: يقال في ذلك ولا يقطع ويقضي عليه بالالف درهم. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم تم كتاب السرقة من المدونة الكبرى ويليه كتاب المحاربين. . قلت: لابن القاسم أرأيت أهل الذمة وأهل الاسلام إذا حاربوا فأخافوا ولم يأخذوا مالا ولم يقتلوا فأخذوا كيف يصنع بهم الامام في قول مالك؟ قال: قال مالك إذا أخافوا السبيل كان الامام مخيرا ان شاء قتل وان شاء قطع قال مالك ورب محارب لا يقتل وهو أخوف وأعظم فسادا في خوفه ممن قتل. قلت: فإن أخذه الامام وقد أخاف ولم يأخذ مالا ولم يقتل أيكون الامام مخيرا فيه يرى في ذلك رأيه ان شاء قطع يده وان شاء قطع رجله وان شاء قتله وصلبه أم لا؟ يكون ذلك للامام؟ قال: قال مالك إذا نصب وأخاف وحارب وان لم يقتل كان الامام مخيرا وتأول مالك هذه الآية قول الله تبارك وتعالى في كتابه أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا قال فقد جعل الله الفساد مثل القتل. قلت: وكذلك ان أخاف ولم يأخذ المال؟ قال: إذا أخاف ونصب ولم يأخذ المال فإن الامام مخير وقد قال مالك وليس كل المحاربين سواء قال مالك منهم من يخرج بعصاه أو بشيء فيؤخذ على تلك الحال لم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل قال مالك فهذا لو أخذ فيه بأيسره لم أر بذلك بأسا. قلت: وما أيسره عند مالك؟ قال: أيسره وأخفه أن يجلد وينفي ويسجن في الموضع الذي نفي إليه. قلت: وإلى أي موضع نفي هذا المحارب إليه إذا أخذ بمصر؟ قال: قد نفي عمر بن عبد العزيز من مصر إلى شقب ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال قد كان ينفي عندنا إلى فدك أو خيبر وقد كان لهم سجن يسجنون فيه. قلت: وكم يسجن حيث ينفي قال مالك يسجن حتى تعرف له توبة. قلت: أرأيت ان أخذه الامام وقد قتل وأخذ الاموال وأخاف السبيل كيف يحكم فيه؟ قال: يقتله ولا يقطع يده ولا رجله عند مالك. قلت: ويصلبه؟ قال: قال مالك لم أسمع أحدا صلب إلا عبد الملك بن مروان فإنه كان صلب الذي كان يقال له الحارث الذي كان تنبأ صلبه عبد الملك؟ قال: قال مالك وذلك إلى الامام يجتهد في ذلك. قلت: وكيف يصلبه في قول مالك أحيا أم ميتا؟ قال: لم أسمع من مالك إلا ما أخبرتك مما ذكر عن عبد الملك بن مروان فإنه صلب الحارث وهو حي وطعنه بالحربة بيده؟ قال: وأنا أرى أن يصلب حيا ويطعن بعد ذلك. قلت: أرأيت الذي أخذه الامام ولم يقتل ولم يفسد ولم يخف السبيل إلا أنه قد حارب خرج بخشبة أو ما أشبه هذا أيكون للامام أن يعفو عن هذا؟ قال: لا يكون للامام أن يعفو عن هذا عند مالك ولا عن أحد من المحاربين. قلت: فكم يضربه في قول مالك؟ قال: يجتهد الامام برأيه في ضربه ونفيه. قلت: أرأيت المحاربين من أهل الذمة وأهل الاسلام في قول مالك أهم سواء؟ قال: نعم والنصارى والعبيد والمسلمون في ذلك الحكم فيهم واحد عند مالك إلا أنه لا نفي على العبيد. قلت: أرأيت ان أخذ وقد أخاف السبيل وأخذ المال؟ قال: قال مالك إذا خرج ولم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل وأخذ بحضرة ما خرج أو خرج بخشبة أو ما أشبه ذلك ولم ينصب ولم يعل امره فإن الامام يجلد مثل هذا وينفيه قال مالك وان هو خرج واخاف السبيل ونصب وعلا أمره ولم يأخذ المال فالامام مخير ان شاء قتله وان شاء قطع يده ورجله. قلت: فهل يجتمع مع القطع والقتل الضرب؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك. قلت: أرأيت ان هو قتل وأخذ المال وأخاف أيكون للامام أن يقطع يده ورجله ولا يقتله؟ قال: لا يكون ذلك إلى الامام إذا قتل وأخذ المال قال مالك فأرى أن يقتل ان رأى ذلك الامام إذا أخذ المال ولم يقتل ان يقتله قتله لان الله يقول في كتابه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا فأخذ المال من الفساد في الأرض وإنما يجتهد الامام في الذي يخيف ولا يقتل ولا يأخذ مالا ويؤخذ بحضرة ذلك قبل أن يطول زمانه قال مالك والذي تقطع يده ورجله لا أرى أن يضرب إذا قطعت يده ورجله. قلت: فإن قتل وأخذ المال أتقطع يده ورجله وتقتله أم تقتله ولا تقطع يده ورجله في قول مالك؟ قال: القتل يأتي على ذلك كله؟ قال: وإنما يخير الامام عند مالك إذا أخاف ولم يأخذ مالا ولم يقتل فأخذ بحضرة ذلك فأما من طال زمانه ونصب نصبا شديدا فهذا لا يكون الامام فيه مخيرا ويقتله الامام. وأما الذي أخذ بحضرة الخروج فإن مالكا قال في هذا لو ان الامام أخذ بأيسره لم أر بذلك بأسا وقد فسرت لك ذلك فهذا أصل قول مالك في هذه الأشياء. قلت: أرأيت ان أخذ المحاربون من المال أقل مما تقطع فيه اليد أقل من ثلاثة دراهم؟ قال: ليس حد المحاربين مثل حد السارق والمحارب إذا أخذ المال قليلا كان أو كثيرا فهو سواء والسارق لا يقطع إلا في ربع دينار. قلت: أرأيت ان قطعوا على المسلمين وعلى اهل الذمة أهو سواء في قول مالك؟ قال: نعم ولقد بلغني عن مالك أخبرني عنه من أثق به عن غير واحد ان عثمان قتل مسلما قتل ذميا على وجه الحرابة قتله على مال كان معه فقتله عثمان. قلت: أرأيت ان تابوا من قبل ان يقدر عليهم وقد كانوا قتلوا وأخافوا وأخذوا الاموال وجرحوا الناس؟ قال: قال مالك يضع عنهم حد الامام كل شيء إلا أن يكونوا قتلوا فيدفعون إلى أولياء القتلى وان أخذوا المال اغرموا المال. قلت: وكذلك الجراحات؟ قال: نعم. قلت: ويدرأ عنهم القتل والقطع في الذي كان يجب عليهم لو أخذوا قبل أن يتوبوا فأما ما صنعوا في أموال الناس وفي دمائهم وفي أبدانهم فهم يؤخذون بذلك عند مالك إلا أن يعفي عنهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ان كانوا محاربين فقطعوا على الناس الطريق فقتلوا رجلا قتله واحد منهم إلا أنهم كانوا أعوانا له في تلك الحال إلا أن هذا الواحد منهم ولي القتل حين زاحفوهم ثم تابوا وأصلحوا فجاء ولي المقتول يطلب دمه أيقتلهم كلهم أم يقتل الذي قتل وليه وحده؟ قال: قال مالك يقتلون كلهم إذا أخذوا على تلك الحال قال ابن القاسم فإن تابوا قبل أن يؤخذوا فأتى أولياء المقتول يطلبون دمه دفعوا كلهم إلى أولياء المقتول فقتلوا من شاؤوا وعفوا عمن شاؤوا وأخذوا الدية ممن شاؤوا وقد ذكر مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين قال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا فهذا يدلك على أنهم شركاء في قتله فذلك إلى أولياء المقتول يقتلون من شاؤوا منهم ويعفون عمن شاؤوا منهم؟ قال: ولقد قال لي مالك في قوم خرجوا فقطعوا الطريق فتولى رجل منهم أخذ مال كان مع رجل ممن أخذ أخذه منه والآخرون وقوف إلا أنه بهم قوي وأخذ المال فأراد بعض من لم يأخذ المال التوبة وقد أخذ المال الذي أخذ ودفع إلى الذي لم يأخذ حصته ماذا ترى عليه حين ذلك أحصته التي أخذ أم المال كله؟ قال: بل أرى المال كله عليه لأنه إنما قوي الذي أخذ المال بهم والقتل أشد من هذا فهذا يدلك على ما أخبرتك به من القتل ولقد ذكروا عن مالك عن عمر بن الخطاب أن بعضهم كان ربيئة للذين قتلوا فقتله عمر معهم. قلت: أرأيت ان كانوا قد أخذوا المال فلما تابوا كانوا عدما لا مال لهم أيكون ذلك لأصحاب المال دينا عليهم في قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن أخذوا قبل أن يتوبوا أقيم عليهم الحد فقطعوا أو قتلوا ولهم أموال أخذت أموال الناس من أموالهم وإن لم يكن لهم يومئذ مال لم يتبعوا بشيء مما أخذوا بمنزلة السرقة؟ قال: نعم وهو قول مالك فيما بلغني عمن أثق به وهو رأيي. قلت: أرأيت ان أخذهم الامام وقد قتلوا وجرحوا وأخذوا الاموال فعفا عنهم أولياء القتلى وأولياء الجراحات وأهل الاموال أيجوز عفوهم في قول مالك؟ قال: قال مالك لا يجوز العفو ها هنا ولا يجوز للامام أن يعفو لان هذا حد من حدود الله قد بلغ السلطان فلا يجوز فيه العفو ولا يصلح لأحد أن يشفع فيه لانه حد من حدود الله. قلت: فإن تابوا وأصلحوا وقد قتلوا أناسا من أهل الذمة ولم يقتلوا أحدا غيرهم؟ قال: أرى أن الدية في أموالهم لأولياء القتلى لان المسلم لا يقتل بالذمي عند مالك. قلت: فإن كانوا ذميين أكان عليهم القود في قول مالك؟ قال: نعم لان مالكا قال يقتل النصراني بالنصراني. قلت: وكيف تعرف توبة هؤلاء النصارى المحاربين في قول مالك؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى ان تركوا ما كانوا عليه قبل أن يقدر عليهم فلا أرى أن يقام عليهم حد المحاربين. قلت: أرأيت ان كانت فيهم امرأة أيكون سبيلها في قول مالك سبيل الرجال أم لا؟ وهل يكون النساء محاربات في قول مالك أم لا؟ قال: أرى أن النساء والرجال في ذلك سواء. قلت: فالصبيان؟ قال: لا يكونون محاربين حتى يحتلموا عند مالك لان الحدود لا تقام عليهم عند مالك والحرابة حد من الحدود والنساء إنما صرن محاربات لان مالكا قال تقام عليهن الحدود والحرابة حد من الحدود. قلت: أرأيت ان قطعوا الطريق في مدينتهم التي خرجوا منها فأخذوا أيكونون محاربين في قول مالك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ان خرج مرة فأخذه الامام فقطع يده ورجله ثم خرج ثانية فأخذه الامام أيكون له أن يقطع يده الاخرى ورجله الاخرى؟ قال: نعم ان رأى أن يقطعه قطعه. قلت: وسمعته من مالك؟ قال: لا إلا أني أراه مثل السارق ألا ترى أنه يقطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله فكذلك المحارب تقطع يده ورجله فإن خرج ثانية فإن رأى الامام أن يقطعه قطع يده الباقية ورجله. قلت: أرأيت ان أخذ الامام هذا المحارب وهو أقطع اليد اليمنى فأراد قطعه ورأى أن يقطعه كيف يقطعه؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن قول مالك في السارق إذا كان أقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى قطع رجله اليسرى وترك يده اليمني فكذلك المحارب إذا لم تكن يده اليمنى قائمة قطعت يده اليسرى ورجله اليسرى وهذا عندنا بين لان الله تبارك وتعالى قال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض. فالقطع في المحارب في يده ورجله جميعا إنما هما جميعا شيء واحد بمنزلة القطع في يد السارق أو رجله إنما هو شيء واحد فإذا أصاب إحدى اليدين شلل أو قطع رجع إلى اليد الاخرى والرجل التي تقطع معها لانهما في القطع بمنزلة الشيء الواحد في المحارب ألا ترى أن السارق إذا أصيب أقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى رجع الامام إلى رجله اليسرى فإن أصابه أيضا أقطع أصابع اليمني قطع رجله اليسرى ولم يقطع بعض اليد دون بعض فكذلك إذا كانت اليد ذاهبة في المحارب لم تقطع الرجل التي كانت تقطع معها ولكن تقطع اليد الاخرى والرجل التي تقطع معها حتى يكون من خلاف كما قال الله تعالى. قلت: أرأيت المحارب يخرج بغير سلاح أيكون محاربا أم لا؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ان فعل ما يفعل المحارب من تلصصهم على الناس وأخذ أموالهم مكابرة منه لهم فأراه محاربا. قلت: أرأيت الرجل الواحد هل يكون محاربا في قول مالك؟ قال: نعم وقد قتل مالك رجلا واحدا كان قد قتل على وجه الحرابة وأخذ مالا وأنا بالمدينة يومئذ. قلت: أرأيت القوم يشهدون على المحاربين أنهم قد قطعوا الطريق عليهم وقتلوا منهم ناسا وأخذوا أموالهم منهم؟ قال: سألت مالكا عنهم فقال مالك ومن يشهد على المحاربين إلا الذين قطع عليهم الطريق؟ قال: نعم تجوز شهادتهم عليهم فيما شهدوا به عليهم إذا كانوا عدولا من قتل أو أخذ مال أو غير ذلك. قلت: ويعطيهم هذه الاموال التي شهدوا عليها أن هؤلاء المحاربين قطعوا عليهم السبيل وأخذوها منهم أيعطيهم مالك هذا المال بشهادتهم؟ قال: نعم في رأيي إذا شهد بعضهم لبعض ولا تقبل شهادة أحد في نفسه في مال أخذ منه. قلت: أرأيت المحاربين اللصوص إذا أخذوا ومعهم الاموال فجاء قوم يدعون تلك الاموال وليست لهم بينة؟ قال: سألت مالكا عنها فقال مالك أرى للامام أن يقبل قولهم في أن المال لهم ولكن لا أرى أن يعجل بدفع ذلك المال إليهم ولكن ليستأن قليلا ولا يطول حتى ينتشر ذلك فإن لم يجئ للمال طالب سواهم دفعه إليهم وضمنهم؟ قال: فقلت لمالك الحميل؟ قال: لا ولكن يشهد عليهم ويضمنهم في أموالهم بغير حميل إن جاء لذلك طالب. قلت: أفيستحلفهم في قول مالك؟ قال: لم أسمعه من مالك وأرى أن يحلفهم. قلت: أرأيت القوم يخرجون تجارا إلى أرض الحرب فيقطع بعضهم الطريق على بعض وكلهم مسلمون ألا أنهم قد قطعوا في دار الحرب على مسلمين مثلهم وذميين دخلوا دار الحرب بأمان؟ قال: قال مالك في هؤلاء الخناقين الذين يخرجون مع الجيش إلى أرض الحرب فيخنقون الناس على أموالهم في دار الحرب في الصوائف؟ قال: بلغني عن مالك أنه قال يقتلون. قلت: والخناق محارب عند مالك؟ قال: نعم الخناق محارب إذا خنق على أخذ مال. قال: وقال مالك وهؤلاء الذين يسقون الناس السيكران انهم محاربون إذا سقوهم ليسكروا فيأخذوا أموالهم؟ قال: قال مالك هم محاربون يقتلون. قلت: هذا يدلني على قول مالك أن من حارب وحده بغير سلاح انه محارب؟ قال: نعم يستدل بهذا. قلت: أرأيت محاربين أخذوا وقد أخذوا أموالا وأخافوا ولم يقتلوا فرأى الامام أن يقطع أيديهم وأرجلهم ولا يقتلهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يقتلهم أيضمنهم المال الذي أخذوا وقد استهلكوه في أموالهم أم لا؟ قال: بلغني عن مالك أنه قال هو مثل السرقة وانهم يضمنون ان كان لهم مال يومئذ ولا يتبعون به دينا إذا لم يكن لهم مال. قلت: أرأيت من قتل قتل غيلة ورفع إلى قاض من القضاة فرأى أن لا يقتله وإن يمكن أولياء المقتول منه ففعل فعفوا عنه ثم استقضى غيره فرفع إليه افترى أن يقتله القاضي الثاني أم لا؟ يقتله لانه قد حكم به قاض قبله في قول مالك؟ قال: لا أرى أن يقتله لانه مما اختلف الناس فيه؟ قال: وقال لي مالك من دخل على رجل في حريمه على أخذ ماله فهو عندي بمنزلة المحارب يحكم فيه كما يحكم في المحارب. قلت: أرأيت قوما محاربين شهد عليهم الشهود بالحرابة فقتلهم رجل قبل أن تزكي البينة وقبل أن يأمر القاضي بقتلهم كيف يصنع مالك بهذا الذي قتلهم؟ قال: قال مالك ان زكيت البينة أدب هذا الذي قتلهم ولم يقتل. قلت: أرأيت ان لم تزك البينة وبطلت الشهادة أتقتله؟ قال: نعم في رأيي. قلت: أرأيت المحاربين أجهادهم عند مالك جهاد؟ قال: قال مالك نعم جهادهم جهاد. قلت: فإن شهدت الشهود باقراره بالحرابة وهو منكر أيقيم الامام عليه الحد حد الحرابة أم لا؟ قال: لا يقام ذلك عليه ويقال. . قال سحنون قلت لابن القاسم هل كان مالك يعرف شبه العمد في الجراحات أو في قتل النفس؟ قال: قال مالك شبه العمد باطل وإنما هو عمد أو خطأ ولا أعرف شبه العمد. قلت: ففي أي شيء يري مالك الدية مغلظة؟ قال: قال مالك في مثل ما صنع المدلجي بإبنه فلا يراه إلا في الوالد في ولده إذا قتله فحذفه بحديدة أو بغير ذلك مما لو كان غير الوالد فعل ذلك به قتل به فإن الوالد يدرأ عنه في ذلك القود وتغلظ عليه الدية على الوالد ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة قال ابن القاسم والخلفة التي في بطونها أولادها قلت فهل ذكر لكم مالك أن أسنان هؤلاء الخلفات ما بين ثنية إلى بازل عامها قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يبالي أي الأسنان كانت قلت فهل تؤخذ هذه الدية حالة أم في ثلاث سنين قال بل حالة ألا ترى أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لسراقة بن جعشم المدلجي اعدد لي على قديد عشرين ومائة بعير قال وقال مالك ولا تغلظ الدية في أخ ولا زوج ولا زوجة ولا في أحد من الأقارب قال وبلغني عمن أثق به عن مالك في الجد أنه يراد مثل الأب تغلظ عليه الدية قال ابن القاسم وأنا أرى ذلك وأرى الأم مثل ذلك أيضا في التغليظ وهي أقعدهما. قلت: لابن القاسم فهل تغلظ الدية في ولد الولد؟ قال: نعم كذلك بلغني عن مالك أنه قال أراه مثل الأب؟ قال: وقال مالك لا تغلظ الدية في الشهر الحرام؟ قال: ولا تغلظ الدية على من قتل خطأ في الحرم؟ قال: وقال مالك لا ولا تغلظ الدية عليه. قلت: أرأيت التغليظ في قول مالك على أهل الورق والذهب كيف هو؟ قال: ينظركم قيمة الثلاثين جذعة والثلاثين حقة والأربعين خلفة فيعرف كم قيمتهن ثم ينظر إلى دية الخطأ أخماسا من الأسنان عشرين بنت مخاض وعشرين بن لبون ذكور وعشرين بنت لبون وعشرين حقة وعشرين جذعة فينظركم قيمة هذه ثم ينظركم فضل ما بين القيمتين ما بين قيمة دية التغليظ ودية الخطأ فيزاد في الدية على قدر ذلك إن كان خمسا أو سدسا أو ربعا. قلت: ولم يذكر لكم مالك أن هذا شيء قد وقت فيما مضى ولا يكون لأهل زماننا أن ينظروا في زيادته اليوم؟ قال: لا لم يذكر لنا مالك ذلك؟ قال: وأرى أن ينظر إلى ذلك في كل زمان فيزاد في الدية قدر ما بين القيمتين على ما وصفت لك وتفسير قول مالك أن ينظر كم دية المغلظة فإن كان قيمتها ثمانمائة دينار ودية الخطأ ستمائة دينار فالعقل من دية الخطأ الثلث حمل على أهل الدية المغلظة. قلت: فالدية من الورق قال فانظر أبدا ما زادت دية المغلظة على دية الخطأ كم هو من دية الخطأ فاحمله على أهل الذهب والورق وينظر كم هو من دية المغلظة وهذا تفسير قول مالك قال ابن القاسم وكذلك في الجراحات فيما تغلظ فيه. قلت: فإن غلت أسنان المغلظة حتى صارت تساوي مثلى دية الخطأ أيزاد في الدية دية أخرى مثلها وإن كان أكثر من ذلك زدت عليها؟ قال: نعم وهو رأيي؟ قال: وقال مالك في جراحات الوالد ولده إن كان بحال ما صنع المدلجي بإبنه في التغليظ مثل ما في النفس وإذا قطع الرجل يد إبنه وعاش الولد كانت نصف الدية مغلظة خمس عشرة جذعة وخمس عشرة حقة وعشرون خلفة في بطونها أولادها فعلى هذا فقس جراحاتها كلها. قلت: وما بلغ من جراحات الوالد إبنه الثلث حملته العاقلة مغلظة وما لم يبلغ الثلث ففي مال الوالد مغلظا على الوالد؟ قال: لا أرى إن تحمله العاقلة على حال وأراه في مال الوالد ولا تحمل العاقلة منه شيئا فإن كان أكثر من ثلث الدية فهو في مال الأب مغلظا على الوالد. قلت: ولا يرث الأب من ديته شيئا في قول مالك؟ قال: نعم ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال أين أخو المقتول فدفع إليه الدية دون الوالد. قلت: أفيرث من ماله وقد قتله يحال ما صنع المدلجي بإبنه قال ابن القاسم أرى أن لا يرث من ماله قليلا ولا كثيرا لأنه من العمد وليس من الخطأ ولو كان من الخطأ لحملته العاقلة وهو مما لو كان من غيره لم يرث من ماله فهو والأجنبيون في الميراث سواء وإن صرف عنه القود والأب ليس كغيره في القود ولقد قال ناس وإن عمد للقتل فلا يقتل فهذا يدلك على هذا ولو أن رجلا عمد لقتل إبنه فذبحه ذبحا ليس مثل ما صنع المدلجي والدة فعلت ذلك بولدها متعمدة لذبحه أو لتشق بطنه مما يعلم الناس أنها تعمدت للقتل نفسه لا شك في ذلك فأرى في ذلك القود يقتلان به إذا كان كذلك إلا أن يعفو من له العفو والقيام بذلك. قلت: والوالدة في ولدها إذا صنعت بذلك مثل ما صنع المدلجي بإبنه فهي في ذلك بمنزلة الوالد لا قود عليها والدية مغلظة في قول مالك؟ قال: نعم وهي أعظم حرمة.
|